لا شكّ أن بيئة العمل المرنة إذا تمّ إدارتها بفاعلية وإتقان، تؤثر بشكل واضح وملموس وإيجابي على كل الأطراف في المؤسسة سواء أكانوا أصحاب عمل أم موظفين، وعلى خلاف ذلك فإن القيام بالتوجّه نحو أساليب العمل غير المرنة من شأنه أن يترك أثره السلبي، والذي قد يتمثل في مظاهر عدّة أهمها تراجع الإنتاجية في مكان العمل، إلى جانب تأثيرها القوي على الموظفين، كارتفاع نسبة الأيام التي يتغيبون فيها عن العمل، وغيرها من أوجه التأثير السلبية.
لكن من الضروري على رؤساء ومدراء المؤسسات والشركات الانتباه إلى مسألة تقديم الخيارات الأكثر مرونة في بيئة العمل للموظفين، من خلال تحديد ساعات عمل مناسبة، وأمكنة العمل كذلك، لأن ذلك سيسهم بشكل مباشر في بناء بيئة عمل مرنة وجذابة تحافظ على قدرات ومواهب موظفيها.
ويتم ذلك من خلال توفير ساعات من العمل تتسم بالمرونة وتطبيقها على الساعات الأساسية للنظام المعمول به بالمؤسسة، فمثلاً فلو كانت ساعات العمل في مؤسسة ما تبدأ من التاسعة صباحًا حتى السادسة مساءًا، تتمثل المرونة في إعطاء الموظف مساحة ليأتي إلى العمل من السابعة صباحاً حتى الرابعة مساءًا، أو من العاشرة صباحاً حتى السابعة مساءًا ؛ فمن خلال هذه المساحة يمكن للموظفين القيام بمهامهم الخاصة، أو أي أمرٍ شخصي قد يعترض لهم.
فمن خلال هذا الأسلوب يستطيع الموظفون أن ينجزوا ساعات عملهم الأسبوعية نفسها خلال أقل من خمسة أيام، ومثال ذلك لو كان هناك موظفًا يعمل في مؤسسة عدد ساعاتها الأسبوعية أربعين ساعةً بمعدل ثماني ساعات على مدار خمسة أيام، يستطيع خلال هذا الأسلوب إنجاز أعماله في عشر ساعات على مدار أربعة أيام.
وهذا ما يدعى ب" نوبات العمل" أو " تقاسم العمل" هذه النصيحة يمكن تطبيقها في المؤسسات التي تسعى للوصول إلى بيئة عمل مريحة من خلال السماح للموظفين بتقاسم بعض المهام الخاصة التي تكون بدوامٍ كاملٍ باعتبارها وظيفة واحدة فقط، وبعد ذلك يتم تقاسم تلك المهام وتوزيعها على النحو الآتي
(الراتب، أيام العمل الأسبوعية، المهام).
وهي من أكثر ما يروق للموظفين ويمنحهم قدراً من المساحة الواسعة؛ لإنجاز المهام براحةٍ من داخل المنزل، أو أماكن غير المكان الذي يعملون فيه، وهذا الأسلوب من شأنه أن يكون مفيدًا في حالات منها:
أ. يمنح العاملات فرصة جيّدة لإحداث توازن بين حياتهنّ المهنية والأسرية.
ب. وهو أسلوب فعّال للموظفين الذي يضطرون للمجيء إلى العمل من أماكن بعيدة.
وهذه الإجازة لا تخضع لفكرة كونها مدفوعة أم لا، لأن الموظف يستطيع من خلالها أخذ إجازة تتسم بأنها طويلة تعود لأسبابٍ مختلفة ،منها أسباب شخصية كالمشاكل العائلية أو صحية أو غيرها من الأسباب التي تختلف باختلاف ظروف الموظفين، وهذا يعني أن بعد عودة الموظف للعمل بعد منحه هذه الإجازة، يكون ضامنًا كافة حقوقه، وذلك وفقاً لِما تمّ الاتفاق عليه مع الشركة مسبقًا.
كانت هذه أبرز النصائح المقدمة لمّن يترأس مكان ما كمديري المؤسسات وغيرهم، في محاولة للاستفادة منها، وللخروج من الأسلوب الصارم الذي تفرضه بيئات العمل التقليدية التي تقتل الإنتاجية ،ويصعب عليها الارتقاء بنفسها وبمستوى الأفراد بداخلها، فلا بد من تسخير كل الوسائل لإنشاء بيئة عمل مرنة ومساعدة للأفراد الذين ينتمون إليها.