إن الالتزام الوظيفي يعد من أهم العوامل التي تعكس فعالية المؤسسة وكفاءتها، لأن ارتفاع مستوى الالتزام فيه إشارة إلى ارتفاع مستويات الأداء، وانخفاضه بلا شك يشير إلى تراجع مستويات الأداء.
قبل كل شيء ينبغي علينا إجلاء مفهوم الالتزام الوظيفي؛ لأن هذا المصطلح كان عرضةً لاجتهاداتٍ شتى، فهناك العديد من الرؤى التي تناولته، كالرؤى الفكرية والاجتماعية والإدارية، وليس هذا فحسب بل أيضاً عُرّف من جانبٍ نفسي واقتصادي.
إلى أن وصلت الحلقة ــ وهذه هي التي تهمنا ــ إلى دائرة الإداريين ، وهكذا بوصوله إلى هذه البؤرة أصبح يشير إلى أن الموظف الأكثر التزاماً يكون الأقرب للمؤسسة التي يعمل بها، ويكون أكثر اجتهاداً في تحقيق الأهداف التي ترمي إليها تلك المؤسسة، والعكس بالعكس صحيح.
ماهية الالتزام الوظيفي
هو الحالة التي تلتقي فيها أهداف العاملين بالمؤسسة بأهداف المؤسسة ككل، إلى جانب تفطّن كل طرف لواجباته حيال الآخر، مع تعزيز الشعور بالانتماء لبيئة العمل، والسعي لرفعتها وتقدمها والاستمرار بها.
الالتزام الوظيفي أبرز وأهم أبعاده
هناك أشكال عديدة لأبعاد الالتزام الوظيفي، والتي تعكس مدى التغييرات السلوكية والتنظيمية للموظفين، ومنها:
- الالتزام الفعّال والمؤثر والعاطفي: ويكون من خلال معرفة الموظف لأمرين، الأول بيئة العمل التنظيمية، والثاني : إدراكه لمميزات العمل الذي ينتمي إليه من ( استقلالية، تنوع مهارات، مشاركة فاعلة)
- الالتزام المتواصل والمستمر: ويشير هذا البعد من أبعاد الالتزام الوظيفي إلى القيمة التي سيكسبها الموظف ببقائه بالمؤسسة، واستمراره معها، مقابل ما سيفقده ويتخلى عنه في حال التحاقه بجهة عمل أخرى.
- الالتزام المعياري أو ما يطلق عليه بـ (الأخلاقي) : وهو الإجراء الذي سيقوم به الموظف والذي يقتضي التزامه بالبقاء مع المؤسسة التي يعمل بها؛ لأن هذه المؤسسة قد وفرّت ما يدعو لتتمسك بها، على سبيل المثال: سماحها لموظفيها بالتفاعل والمشاركة في وضع الخطط ، والأهداف المتعلقة بالعمل.
خصائص الالتزام الوظيفي :
إن للالتزام الوظيفي ــــ باعتباره نوعاً من أنواع السلوك البشري ــــ مجموعة من الميّزات، والخصائص التي يعرف بها، ومن هذه الخصائص:
- الالتزام الوظيفي سلوك للتعبير عن أهداف المؤسسة وقيمها.
- أن يبذُل الموظف قصارى جهده في تحقيق أهداف مؤسسته، من خلال إيمانه بتلك الأهداف، وقبول تلك القيم المنبثقة منها.
- كذلك من خصائص الالتزام الوظيفي أنه سلوك غير ملموس، تتجلى مظاهره بالولاء الذي يُظهره الموظف للمنظمة.
- يمتاز الالتزام الوظيفي بأنه مجموعة من التفاعلات بين عوامل عدة، ومن هذه العوامل: العوامل الإنسانية والتنظيمية والإدارية.
- المستوى الخاص بالالتزام الوظيفي هو مستوى متغير، بعبارة أخرى هو غير ثابت، بل يتأثر بعوامل أخرى .
- من خصائصه أنه يشير إلى حالة نفسية من شأنها أن تصف العلاقة بين ركنين هامين هما: الفرد والمنظمة.
- يتصف الالتزام الوظيفي بتوفر الرغبة المهولة عند موظفي المؤسسة لبذل الجهد والطاقة؛ لكي يستطيعون تحقيق الغايات التي قامت هذه المؤسسة، أو تلك الشركة برسمها.
- من الخصائص التي لا يمكن إغفال النظر عنها هي الرغبة التي يقوم الموظفون بإبدائها فيما يتعلق بالتفاعل الاجتماعي؛ وذلك من أجل منح المؤسسة الحيوية والنشاط وتزويدها بالولاء.
في الختام يمكننا القول بأن نجاح أي مؤسسة ووصولها للأهداف التي تصبو إليها إنما يرتبط بأفرادها، في جانب ما يبدونه من قناعة بتلك الأهداف، بل وبشعورهم بتشابه وتطابق أهداف مؤسستهم مع تلك الأهداف الشخصية، وهذا الذي يجعلنا نطلق عليه بشكل مجمل الالتزام الوظيفي .