التسرب الوظيفي يعتبر واحدة من التحديات العظمى التي تواجه المؤسسات الحديثة، لأنه يعمل على إضعافها وتراجع انتاجيتها، ومن ثم ضعف تواجدها السوقي بين المنافسين، لاسيما في هذا الوقت الذي يشهد منافسةً عالية، وعلى النقيض من ذلك فالاهتمام بهذه المشكلة، ومحاولة تقييدها بلا شك سيخلق نوعاً من الاستقرار داخل المؤسسة.
التسرب الوظيفي هو قيام فرد أو أكثر داخل المؤسسة بترك العمل في الوقت الذي يتقاضى فيه مالاً، لسبب من الأسباب غير الأسباب الطبيعية كالمرض على سبيل المثال، أو انتهاء مدة العمل فيما يعرف بالتقاعد، الأمر الذي ينعكس سلباً على المؤسسات؛ لبذلها الوقت والجهد الكبيرين في الاعتناء بموظفيهم وتدريبهم، وإعطائهم من المهارات ما يستطيعون من خلالها إنجاز المهام على أتم وجهٍ لها.
فقيام موظفِ ما بمهام ليست من مهامه، أو لا تتناسب مع طموحه، أو خبراته الوظيفية، من شأنها أن تضع الموظف في فجوةٍ كبيرة، تعمل على عدم قدرته على الاندماج في المكان، إلى جانب شعور الضغط الذي سيكون حاصراً نفسه به.
والمقصود بذلك هو أن التسرب الوظيفي قد يكون نتيجة المكان، وهذه النقطة بالتحديد ذات أهمية بالغة، فعدم وجود بيئة مبدعة محفزّة، ترمي إلى المزيد من الابتكارات، وتشجع فكرة البحث العلمي، تجعل من تفشي هذه الظاهرة أمراً هيّناً.
لا شك أن الدخل المنخفض للموظف مؤشر لا ينبئ بشيءٍ إيجابي، فلا غرابة إذ يكون انخفاضه، وعدم توفر الحوافز والترقيات سبباً في التسرب الوظيفي.
ولا سيما في تلك الدول الغير متطورة والتي يمكن أن نطلق عليها " الدول النامية"، فعجزها أمام مواكبة القطاع العام " الحكومي" الذي يوفر العديد من الميّزات كالرضا الوظيفي والأمن يشجع على هذه الظاهرة.
لا شك أن معرفة أسباب التسرب الوظيفي، والتي قمنا بسردها في الأعلى، من شأنه أن يساعد في الوصول إلى الحل، ونتيجة على ذلك يمكن الحد من هذه الظاهرة بشكل ملموس، ومن هذه الطرق :
وبعبارة أخرى فالاعتراف بوجود هذه الظاهرة من أهم خطوات التقليل منها، فبإقرارك أن التسرب الوظيفي يؤثر بشكلٍ كبير المؤسسة والعاملين بها، يسهم في وضع النقاط على الحروف.
من خلال محاولة البدء في خطوات عملية تقلل من التسرب الوظيفي، كالزيادات على الراتب، والحوافز وغيرها.
من خلال المؤشرات والبيانات التي تتم مراجعتها على فترة، ولتكن كل شهر أو شهرين؛ الأمر الذي سيجعل الموظف أكثر شفافية، ويشعر بأنه مسؤول ومرَاقب، وبالتالي خطوة التسرب الوظيفي تصبح بعيدةً عنه.
ويكون ذلك من خلال الدوائر القضائية التي يتم تأسيسها خصيصاً لهذه الأمور، والتي تعمل على تهذيب هؤلاء، فبوجود مرجعية قضائية يُستند إليها، يجعل المتسرب أكثر حسباناً للأشياء، وأدق حرصاً في أي خطوة سيخطو إليها في طريق التسرب الوظيفي.
أخيراً يجب القول أن الجهود عديدة في الحد من هذه الظاهرة، بل والحلول متنوعة، الأمر كل الأمر يرجع إلى أن يتفطن لها أصحاب ورؤساء المؤسسات بشكل مبكر، ليسهل حلها مستقبلاً، ومن ثم التعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين ثبتت عليهم ظاهرة التسرب الوظيفي بطريقة خاصة، و البدء بتطبيق ما يجدوه مثالياً في التعامل معهم، دون أن يتركوا الأمر بلا حسمٍ أو نهاية.