تقييم 360 درجة من الطرق الحديثة التي بدأت تتصدر، والتي أخذت تُعتمَد باعتبارها وسيلة فاعلة من وسائل تقييم الموظفين، والبعض قد يتساءل عن طبيعة هذا المصطلح، وماهيته ودوره في جعل العلمية التقييمية ناجحة ، ونحن في هذا المقال سنحاول فك شيفرة كل ما يعترِض هذا النوع بالتحديد من غموضٍ أو عدم وضوح .
قبل الإشارة إلى مفهوم تقييم 360 درجة، ينبغي التنويه إلى أن هذا النوع يطلق عليه مسميّات أخرى كلها تشير إلى معنىً واحد، يطلق على تقييم 360 درجة: التقييم الشامل والتقييم المحيطي ، وكذلك فالبعض يطلقون عليه التقييم المتعدد.
وأما عن تعريف تقييم 360 درجة فهو مصطلح يشير إلى آلية خاصة تعنى بمعرفة التعليقات حول فريق العمل من عدة زوايا، وهذا هو سبب تسميته إذ يدور في 360 درجة تبدأ بالموظف حيث يقيّم نفسه، ومن ثم يقوم باقي الموظفين بتقييمه ، وهكذا مع باقي فريق العمل من مدراء ومرؤوسين ومشرفين وغيرهم.
يقوم تقييم 360 درجة بتحسين بعض الأخطاء التي تكتنف عملية التقييم العادية للموظفين، ويعالج بعضاً من الظواهر التي تكتنفه ومنها :
إذ خلال عملية التقييم التقليدية قد لا يرى المدير الموظف في حالاته أجمع، لذلك جاء تقييم 360 درجة ليحقق ذاك الشمول حول ما يقال حيال الموظف، وفي شؤونه عامة.
أثناء ممارسة عملية التقييم التقليدية يلجأ بعض المدراء إلى تقييم مخالِف لما هو عليه الموظف، فيلجأ إلى الظلم في التقييم، فيقدّم فرداً على آخر فقط لأنه يحبه، والآخر قد يكون أكفأ في عمله وأتقن، ولكن قد لا يحصد تقييماً عادلاً ؛ لتحيّز المدير أو لعدم تحكميه الصحيح للأشخاص بناءً على المصداقية العالية، تلك التي تترفع عن المعرفة والقرابة والمشاعر الشخصية.
والأمر على خلافه في تقييم 360 درجة، إذ وجود طائفة كبيرة من الأشخاص يقيمون شخصاً بعينه، يؤكد النظرة التي قد تتكون عند المدير أو تنفيها، إذ أصبح هناك أكثر من رأي وصورة ، ولا مساحة حينها للكذب أو تغيير أي منحى من مناحي التقييم .
وحين اللجوء إلى هذه الطريقة في أثناء عملية تقييم الموظفين 360 درجة يُلاحَظ أن عملية التقييم هذه تتميز بمجموعة من الميزات، والتي ينبغي معرفتها ؛ لاعتماده في جميع المؤسسات لتقييم موظفيها، فبناءً على ما تمّ عرضه في الأمور التي يعالجها تقييم 360 درجة نستطيع القول أن تقييم 360 درجة يتميز بـ :
بعد العرض الذي قدّم عن تقييم 360 درجة لا يمكن إغفال الطرف عن أهميته، والتي تتقاطع ضمناً مع بعض ما قد قيل سابقاَ، ولكن الأهم من ذلك كله أن هذا النوع كفيل بأن يجعل الفرد " الموظف" الذي يخضع لعملية تقييم 360 درجة واعٍ بجوانب سلوكياته، لأنه يأخذ نظرة شاملة عن نفسه، من خلال ما يتلقاه من تعليقات الأشخاص المتنوعة، فتكون كتغذية راجعة يستطيع من خلالها التعرّف على السلوكيات والمهارات ونقاط الضعف والقوة ، وبناء على كمية المعلومات هذه تُوضع خطةً للتنمية الفردية استناداً إلى نتائج التقييم، ويكون ذلك من خلال آليات مختلفة ، ولكن أهمها إخضاع الموظف للتدريب ، ما يجعل نسبة الأفراد الذين يحتاجون إلى تقويمٍ ما بداخل المؤسسات قليل جداً، بل وقد يصل إلى ألا يكون هناك مَن يشكّل مصدر تراجعٍ للمؤسسة ولإنتاجيتها؛ لأن معظم الأشخاص الذين ينتمون إليها قد تفطنوا لمواضع تقصيرهم، وبدأت المؤسسة بمعالجتها من فورها، دون أن تجعل تلك الاخفاقات الذاتية سبباً في إحداث اختلال في نظام المؤسسة.
يتم إجراء هذا النوع من التقييم ، وإخراجه في صورته النهائية من خلال المرور بمجموعةٍ من الإجراءات التي تتمثل في :
على الرغم من حجم الاستفادة الذي قد يُحصد نتيجة تطبيق تقييم 360 درجة، فقيام مؤسسة ما باعتماده في تقييم موظفيها لا يعني أنها نجحت في حصد الغاية التي وُضع من أجلها التقييم، بمعنىً آخر فالكثير من الشركات لا تأخذ تقييم 360 درجة على نحوٍ كافٍ من الجدية والالتزام، كل ما الأمر هو تفكيرها فقط في الطريقة التي سيعرض فيها هذا التقييم، ومن ثم حصد الآراء والتعليقات من كافة عناصر العمل ، وأخيراً دراستها بتمعن ولكن دون البدء بالتغييرات تلك التي تقتضي خطوات عملية، بالتالي تكون عملية تقييم الموظفين 360 درجة هنا بغير فائدة تُرتجى.
وما يجعل عملية تقييم 360 درجة ناجحاً هو التطبيق الذي يلي عملية مرحلة تجميع الآراء حول الموظفين، وهذا التطبيق لا بد وأن يشمل المدراء كما تحدثنا والقادة؛ من أجل تشجيعهم على تأدية مهامهم، فعندما يرى المدير تقييمات الموظفين ، يلاحظ الفرق بين تقييمه لنفسه وتقييمات غيره له، ما يُلزمه بالبدء بالتغيير ؛ لأن إصلاح بعض السلوكيات الخاطئة في المدير لا يشمل المدير فحسب، بل يطال الشركة ككل بكافة أركانها.
ختاماً نقول إن تقييم 360 درجة آلية أساسية يترتب عليها مجموعة كبيرة من القرارات سواء كانت إدارية أو تنفيذية ، ولكي تنجح عملية التقييم هذه لا بد من مراعاة ما قد تم طرحه في هذا المقال ؛ للوصول بالشركة إلى أعلى مستوىً من مستويات الإنتاجية والتميز .